فضيلة القاضي أحمد ناطور
يصدر فتوى بحرمة نبش القبور
في
مقبرة
الجماسين
وحرمة مدّ أنبوب
للصرف الصحي في المقبرة
أصدر فضيلة القاضي أحمد ناطور - رئيس محكمة
الإستئناف الشرعية في
القدس- يوم 3/10/2005 فتوى شرعية تحرّم نبش
القبور في مقبرة قرية
الجماسين
المهجرة عام 1948 ،
كما
حرّم مدّ أنبوب للصرف الصحي داخل أرض
المقبرة ،
وجاءت هذه الفتوى بعد أن قامت بلدية تل أبيب
بانتهاك حرمة
المقبرة ، ورداً على سؤال وجهته مؤسسة
الأقصى لفضيلته ونصه :" لقد زعمت بلدية تل
أبيب ان مد أنبوبا للصرف الصحي في أرض مقبرة
جماسين في شمال يافا ، يجوز ذلك أم لا
يجوز
" .
وقد أجاب فضيلة القاضي أحمد ناطور على
السؤال أو المسألة على
ثلاثة أبواب ، أما الباب الأول فمن باب أن
المقبرة من حيث كونها وقفا وقال :"إن
المقابر الحية والمندرسة على حد سواء ، وقف
من جملة أوقاف المسلمين ، وهي بذلك
محبوسة على حكم ملك الله تعالى حبساً دائماً
مؤبداً ، ينحصر استغلالها في وجه البر
الذي وقفت عليه ، والوقف لا يباع ولا يوهب
ولا يورث ومحبوس أصله عن كل أشكال
التمليك والتملك ، وترصد منفعته المعينة
بحسب كونه موقوفاً للإنتفاع بعينه كالمساجد
والمقابر للجهة الموقوف عليها ابداً ، إحياء
لها "، وأضاف :" كما أن المقابر
الإسلامية إنما وقفت لمصلحة من مصالح
المسلمين ، وهي دفن موتاهم ، وهذه مصلحة
دائمة
،
ولما كانت وقفاً من مال اسلامي محض ، سواء
كان للإنتفاع بعينه كالمساجد والمقابر
والمدارس والزوايا ، او للإستغلال والإنفاق
، كالأراضي الموقوف عليها ، فهي مال
إسلامي محض يخص المسلمين دون سواهم ولا يجوز
إدخاله في الأموال العامة التي تعود
ثمراتها على عامة الناس من غير المسلمين ،
تماما كما الكنس والكنائس التي تكون وقفا
من
مال طوائفها وتخص أهلها دون سائر الناس
،فكما أنه لا يجوز لذمي – يهودي او
نصراني - ان يوقف أرضه مسجدا على عامة
المسلمين ، فإنه لا يجوز لمسلم ان يوقف وقفه
قربة لله في ذاته على غير المسلمين، لذا
فإنه لا يجوز إدخال وقف المسلمين المقصورة
المنفعة عليهم ، في الأموال العامة التي
تكون منافعا أو ثمراتها للعموم".
أما الباب الثاني فمن حيث حرمة نبش القبور ،
فقال فضيلة القاضي
ناطور :" إن قدسية المقابر في بلادنا باقية
ثابتة ولا يحل نبش القبر على إجماع
المسلمين ، وقد اثبت الشافعي حرمة المقابر
وميزها عن غيرها من المدافن بقوله : ان
مات
احد ببلد فأحب أن يدفن في المقابر لحرمة
المقابر والدواعي لها وانه مع الجماعة
اشبه من ان لا يتغوط ولا يبال على قبره ولا
ينبش ، ويشدد الشافعي في منزلة المقابر
فيقول : اذا كانت ارض لرجل فأذن بأن يدفن
فيها ثم اراد اخذها فله اخذ ما لم يقبر
فيه
وليس له أخذ ما قبر فيه : أي أن مكان الدفن
يخرج عن ملكه، فإذا كان هذا حال
صاحب الأرض فكيف يكون حال الطارئ ، وقد كرم
الله ابن آدم حيا او ميتا ، وعن عائشة
انها قالت : كسر عظام الميت ككسر عظام الحي
- ، قال الشافعي : تعني في المأتم ، كما
ان
نقل عظام الميت الى غير مدفنه ، أمر غير
وارد
" .
أما الباب الثالث في الفتوى ، فمن حيث كونها
مقبرة لها حرمة
وقدسية وقال فضيلة القاضي في جوابه :"احترام
القبور هو أمر ثابت في السنة والاجماع
على
حد سواء ، ومنه عدم الجلوس على القبر والمشي
عليه والنوم وقضاء الحاجة عليه أو
في
محيطه لقوله صلى الله عليه وسلم : لا تجلسوا
على القبور ولا تصلوا إليها ،
"
وقوله صلى الله عليه وسلم : "لئن يجلس أحدكم
على جمرة فتخلص الى جلده ، خير له من
أن
يجلس على قبر".
وأكد فضيلة القاضي أحمد ناطور انه لا يجوز
التسبب في نجاسة الميت
المودع بين يدي ربه ، من فوق قبره ، وانه لا
يجوز التسبب في نجاسته من تحته وقال
: "من
المعلوم أن غسل الميت فرض كفاية لقوله صلى
الله عليه وسلم :" إغسلوه بماء سدر ،
وكفنوه في ثوبيه" ، ومعلوم أنه يدفن في مكان
طاهر لقوله صلى الله عليه وسلم :" جعلت
لي
الأرض مسجدا وطهورا " ، وكما أنه لا يجوز
التسبب في نجاسة الميت المودع بين يدي
ربه
، من فوق قبره ، فإنه لا يجوز التسبب في
نجاسته من تحته أيضا ، وما دام أنبوب
الصرف الصحي إنما هو قناة للنجاسة تلامس
تراب الميت الذي هو فرشه وغطاؤه ، فقد حصل
المحظور في إيصال النجاسة اليه ، وهذا أمر
جلل ، لأن ملامسة النجس تذهب الطهارة
.
يضاف الى ذلك ان هذه الأنابيب ترشح الى تراب
الميت نجاسة إثر
نجاسة ، علاوة على انها قد تتفجر او تُكسر
او تصدأ بفعل الضغط من الداخل أو من
الخارج أو بفعل عوامل طارئة عليها سواء كانت
بفعل الإنسان أو بفعل الطبيعة ، الأمر
الذي لا يمكن تحمل نتائجه من إيذاء بالغ
للقبور ومن نجاسة وقذارة لا يقبلها عقل
.
هذا ويجدر ان نشير الى ان مجرد إدخال أنابيب
المجاري النجسة الى
أرض
مقدسة ، ترقد فيها عظام المؤمنين من
المسلمين ، يذهب الطهارة عنها ويضفي
النجاسة عليها ، الأمر الذي لا يجوز بحال
وليس فيه ما يقبله العقل السوي من
المعاذير ، أرأيت لو جعلت كومة من القمامة
النجسة في كيس او صندوق مغلق ، أيجوز
إلقاؤه في ارض المقبرة او دفنه فيها ؟ وان
كان هذا غير جائز لنجاسته فيه ، فإن
تمديد أنابيب المجاري في ارض المقبرة غير
جائز أيضا ، لأن كليهما كما ترى واحد ، بل
قل
ان الثاني أكبر خطرا من الاولى فالانبوب
المليء بالقذارة والنجاسة الجارية ،
خطره أعظم من كيس النجاسة الراكدة
.
وخلص فضيلة القاضي بعد الشرح المفصل حول
المسألة الى النتيجة
:"
مما
تقدم يستدل إلى أن إرساء انبوب الصرف الصحي
في أرض مقبرة
الجماسين
من
قبل البلدية إنما
هو
أمر محرم ، والبلدية مطالبة بالإمتناع عنه
مطلقا ، وكما كنا ثبتنا قدسية هذه
المقبرة في قرارنا الصادر يوم 25 ربيع اول
1408 هـ بشأن مقبرة
الجماسين
يوم
حاول نفر مارق
العبث بها ، فإننا نعود لنقرر ثانية ان حرمة
مقبرة
الجماسين
قائمة دائمة ، وأي
مساس بها إن هو الا انتهاك لحرمة الراقدين
في تراب
الجماسين
،
ومس صارخ بمشاعر
الأحياء من المسلمين هذا ، والله تعالى اعلم
-----------------------
المصدر :
http://www.sawt-alhaq.com/ar/modules.php?name=News&file=article&sid=3328
http://www.islamic-aqsa.com/ar/modules.php?name=News&file=article&sid=799
|